يا أنا يا أنا….

كالعادة في المكتب وخلال انشغالي بعملي اضع سماعتي في اذني واسمع إما بعض المحاضرات او الاغاني لكي لا امل، واليوم كنت استمع الى فيروز ومن بين الاغاني استمعت الى اغنية  يا أنا يا أنا… الاغنية جميلة لا خلاف على ذلك ولكن ما استوقفني كلمة “أنا” التي اشتتقت منها الأنانية التي تدل على تفكير الشخص بنفسه دون غيره وتقديم حب الذات على أي شيء. جلست اتأمل بقوة هذه الكلمة وكيف فقط بهذه الحروف الثلاثة  تسطيع انت تغير مجتمع كامل. فحال مجتمعاتنا الان وما آلت اليه بسب هذه الأنا. اللهم نفسي وكما قال المثل انا وبعدي الطوفان ما دام راسي سليم الله لايرد حد. حتى في اتراحنا نستخدم يسلم راسك بمعني لا توجد مصيبة لانه لم يصبك شيء وسلم راسك. ناهيك عن العمل والحياة العامة. الموظفون لا يفكرون غير بمصلحتهم الشخصية واهدافهم الخاصة والسياسيون كذلك يعتقدون انهم هم المحقون في رأيهم ولا تتسع صدورهم لسماع الرأي الاخر ويقودون البلاد والعباد الى حيث تقتضي مصلحتهم. وحتى على مستوى اتفه الاشياء عندما نفكر بشيء نفكر فيه كأننا الوحيدون في هذا العالم. كلمة المجتمع اشتقت من جمع والجماعة فالمجتمع قائم على جماعات وليس افراد، فالافراد لن يؤسسوا الا مجتمع مفكك غير مترابط، مشتت في الطاقات والقوى والاهداف. كل يشده باتجاه كقطعة القماش كل يشدها من جهته حتى تتمزق. ما زلت اتذكر عندما قرأت عن طريقة تعلم الاطفال اللغة في المدارس اليابانية فأخر ضمير يتعلمه الطفل هو watachi بمعني أنا وأول ضمير يتعلمه watachitashi بمعنى نحن لكي ينشأ الطفل ويتربى على التفكير الجماعي والتحدث بصيغة الجمع لا بصيغة الفرد…